بملابسه التهامية التقليدية، يقف علي، وهو صياد يمني من مدينة الحديدة الساحلية، وسط تجمع لآلاف اليمنيين ويهتف: "معكم معكم يا كتائب القسام.. حتى النصر أو الشهادة". وقال علي لـ MintPress News إنه مع بداية شهر رمضان المبارك يشعر بمعاناة إخوانه في غزة أكثر من أي وقت مضى، لذلك قرر المشاركة في مظاهرة اليوم لأول مرة تعاطفا مع غزة ورفضا لما يحدث. ووصف الممارسات البشعة التي يقوم بها الغزاة في البحر الأحمر بحق الصيادين. وفي بداية شهر رمضان، ترك الصيد في المياه الإقليمية اليمنية خوفاً على حياته. "منذ أن جاءت السفن المخيفة، من يخرج للصيد سيتم قتله أو اعتقاله، ومن ينجو لن يعود بما يكفي من السمك". يقول علي، أحد أفراد عائلة الحمادي، التي تعتمد على الصيد كمصدر دخلها الوحيد، إن أحد أقاربه، قاسم، قُتل على يد قوات أجنبية تحمي السفن الإسرائيلية في البحر بالقرب من شواطئ الحديدة. لكن علي يقول إنه سعيد لأنه يشارك الآن سكان غزة المعاناة.
الصيادون يتظاهرون ضد العدوان الأجنبي
ولقي قاسم وسبعة صيادين آخرين، جميعهم من مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة الساحلية، حتفهم على أيدي القوات الغربية في البحر الأحمر أثناء قيامهم بالصيد في المياه الإقليمية اليمنية. وفي 26 يناير 2024، أي بعد شهر من اختفائهم، تم العثور على جثثهم في جزر ذي الحراب المطلة على الممر المائي في البحر. ويسيطر حلفاء التحالف على هذه الجزر. واتهمت آنذاك وزارة الثروة السمكية، ومقرها صنعاء، قوات التحالف الأمريكي بارتكاب الجريمة. إن مقتل الصيادين الثمانية: قاسم حمادي، إبراهيم محنش، زكريا منصوب، حمزة عبد الحفيظ، ماجد بهيدر، إبراهيم سالم، أحمد شيف، وأنور حطاب ليس حالة معزولة، بل هي واحدة من عشرات الحوادث التي يتعرض لها الصيادون أيضاً. فقدوا حياتهم وأصيبوا أو تم القبض عليهم واختفوا، مما أجبر الصيادين الآخرين على البقاء في منازلهم يتضورون جوعًا بدلاً من المخاطرة بالموت أو السجن. وقالت وزارة الثروة السمكية بصنعاء، التي سجلت عشرات الانتهاكات بحق الصيادين، من بينها عمليات اختطاف واعتقالات نفذتها البحرية الأمريكية، في بيان سابق ، إن نشاط البحرية الأمريكية بالقرب من السواحل اليمنية والمياه الإقليمية يهدد الصيادين اليمنيين، مما يضع حياتهم في خطر ويتسبب في فقدانهم مصدر دخلهم الوحيد. وذكرت أن القوات الأمريكية وحلفائها تلجأ إلى استخدام القوة والتهديد لمنع الصيادين من ممارسة حقهم في الصيد، لافتة إلى الأوضاع المأساوية التي يعيشها ثلاثون ألف صياد يمني يعتمدون على مهنة الصيد كمصدر وحيد للدخل. لأسرهم، بسبب تواجد القوات الأمريكية في البحر الأحمر. وأضافت أن القوات الأجنبية تقوم أيضًا باستنزاف ونهب المخزون السمكي، مما أدى إلى انخفاض المخزون وأجور الصيادين. يقول علي: "أحيانًا نتقاسم نحن وإخواننا في غزة نفس المعاناة والحصار والقتل". يدعم علي الحصار الذي تفرضه أنصار الله على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر ويشبه معاناته بمعاناة الفلسطينيين. ولا يخفي تأييده لاستهداف السفن الأمريكية والبريطانية، واصفا إياها بأنها عملية مقاومة ضد القوات التي جاءت من أعالي البحار، ليس لمنعها من الصيد وتلويث مياهها، بل لقتل أهل غزة. ويقول إن إسرائيل وأمريكا وبريطانيا يجب أن "تشرب من نفس الكأس". ومثل الصيادين، لا يزال السكان يعانون من تداعيات عشر سنوات من الحرب التي تقودها السعودية والحصار المدعوم أمريكيًا، على الرغم من التوقف النسبي للقصف منذ عام 2022 حتى بدء الحرب على غزة. تعد اليمن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من 21 مليون يمني إلى المساعدة ويعانون من عدم كفاية الغذاء والرعاية الصحية والبنية التحتية، ويواجه 6.1 مليون مستويات "طارئة" من انعدام الأمن الغذائي، وفقًا لتقرير حديث من منظمة هيومان رايتس ووتش. مراقبة الحقوق. وأصبح الوضع أسوأ بكثير منذ بدء حملة القصف الأمريكي على البر الرئيسي اليمني، واستمرار الحصار، ومنع أي تسوية سياسية بين الفصائل المتحاربة في اليمن. ومع ذلك، لا يبدو أن السكان المحليين مستعدون للتخلي عن غزة ويدعمون عمليات أنصار الله ضد إسرائيل والسفن الأمريكية والبريطانية، حتى لو أدى ذلك إلى تفاقم وضعهم. ولم يكن سكان محافظة الحديدة وحدهم الذين خرجوا إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة يوم الجمعة للتعبير عن هذا الشعور. خرجت مظاهرة حاشدة في أكثر من 140 محافظة ومدينة ومنطقة، كان أهمها منطقة السبعين في العاصمة اليمنية صنعاء، ومدن صعدة وذمار والبيضاء وحجة. ومحافظات المحويت وعمران والضالع وتعز والجوف ومأرب. وكان موضوع الاحتجاجات "عملياتنا مستمرة. أوقفوا عدوانكم".
تصاعد التوترات: الرد اليمني
ويرى معظم اليمنيين أن المساعدات التي أسقطتها الولايات المتحدة جواً في غزة وبناء ميناء عائم لا تعدو أن تكون أكثر من مجرد خدعة، وتعتزم القيادة اليمنية تصعيد حصارها للبحر الأحمر بشكل أكبر. هذا الأسبوع، تم استهداف السفينة الإسرائيلية باسيفيك 1 للمرة الأولى منذ 19 نوفمبر 2023، عندما أعلن اليمن عن عمليات عسكرية لدعم غزة. ومؤخراً، أعلن زعيم أنصار الله عبدالملك الحوثي أن السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل لن تمنع فقط من عبور البحر الأحمر والعربي، بل ستمنع أيضاً من عبور المحيط الهندي ورأس الرجاء الصالح حتى نهاية العام. توقفت الحرب على غزة ورفع الحصار. أكد محمد عبدالسلام المتحدث الرسمي لجماعة أنصار الله، أن اليمن يتجه نحو التصعيد باستهداف السفن الإسرائيلية في المحيط الهندي ومنعها من الإبحار باتجاه رأس الرجاء الصالح. وقال إن شركات الشحن الدولية المرتبطة بإسرائيل "يجب أن تأخذ هذا التصعيد على محمل الجد وتعلم أن أي سفينة مرتبطة بإسرائيل ستكون معرضة للصواريخ اليمنية".
سعي أنصار الله لتحقيق التفوق الاستراتيجي
رداً على الهجمات الأمريكية على اليمن، لم تقم أنصار الله بتحديث قدراتها الصاروخية والطائرات بدون طيار فحسب، بل قامت بتعديل الرؤوس الحربية المتفجرة لمضاعفة قوتها التدميرية، ولكنها قامت الآن بتصنيع صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت ذات قدرة تدميرية عالية. وقالت مصادر عسكرية رفيعة المستوى داخل أنصار الله لـ MintPress إن اليمن على وشك إضافة صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت إلى ترسانته بعد اختبارها ضد أهداف بحرية. في أوائل شهر مارس/آذار، اختبر علماء الصواريخ اليمنيون صاروخاً تفوق سرعته سرعة الصوت يعمل بالوقود الصلب ويمكن أن تصل سرعته إلى 10 آلاف كيلومتر في الساعة (8 ماخ). وفي مقابلة حديثة مع موقع MintPress News، أعطى محمد علي الحوثي، الرجل الثاني في جماعة أنصار الله، تلميحات واضحة حول "مفاجأة" يمكن أن تغير المعادلة في البحر الأحمر، حتى ضد أهداف داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي خطاب متلفز يلقيه عادة كل خميس للإعلان عن آخر التطورات في غزة واليمن، قال عبد الملك الحوثي زعيم أنصار الله: "هناك تطور ملحوظ في الصواريخ اليمنية، ومن بين هذه التطورات صاروخ وصل إلى إيلات هذا الأسبوع دون أن يرصده العدو أو يعترضه، والبعض الآخر وصل إلى المحيط الهندي، لكن وراء هذه التطورات شيء أكثر تقدما، لكننا نتركه للعمل أولا، والخميس الماضي، أعلن الحوثي أن واستخدمت أنصار الله أسلحة جديدة في العمليات الأخيرة في البحر الأحمر والبحر العربي، الأمر الذي "فاجأ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة". وأضاف: "سيشهد أعداؤنا وأصدقاؤنا وشعبنا مستوى من الإنجاز ذو أهمية استراتيجية وقال العميد عبد الغني الزبيد عميد في الجيش اليمني وباحث في الشؤون السياسية والعسكرية إن تلميح الحوثيين إلى تطوير الصواريخ وفشلها سيضع بلادنا من حيث قدراتها بين الدول القليلة في هذا العالم. وأكدت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية المتقدمة، مثل نظام هاتز، أن الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت متوفرة بالفعل، وربما بكميات كبيرة. وتابع: "قد نشهد خلال الأيام المقبلة عمليات نوعية تستهدف في عمق العدو السفن الأميركية والبريطانية في المحيط الهندي وجنوب أفريقيا". اعترفت إسرائيل في بيان صدر يوم الاثنين بأن "صاروخ كروز" قادم من اتجاه البحر الأحمر من اليمن تجاوز أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية وضرب أراضي في جنوب فلسطين المحتلة بالقرب من إيلات. تطير الصواريخ الباليستية في مسار ما، مما يسمح للأنظمة المضادة للصواريخ بتوقع مسارها واعتراضه. كلما كان مسار طيران الصاروخ غير منتظم، كلما أصبح اعتراضه أكثر صعوبة. تطير الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت بسرعات أكبر من 5 ماخ ويمكنها تغيير اتجاهاتها أثناء الطيران. مما لا شك فيه أن صواريخ أنصار الله الجديدة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت يمكن أن تشكل تحديًا هائلاً لأنظمة الدفاع الجوي التي تستخدمها الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب سرعتها وقدرتها على المناورة. التطور الآخر الذي قوبل بضجة أقل ولكنه لم يكن أقل أهمية من صواريخ أنصار الله التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، كان تطور علاقتها الدبلوماسية مع روسيا والصين.
قانون إعادة التوازن الجيوسياسي في اليمن
إن تزايد مشاعر العداء تجاه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في أعقاب هجماتهما على اليمن ودعم حرب إسرائيل في غزة لم يدفع الدول الكبرى مثل روسيا إلى تعزيز علاقتها مع أنصار الله لإغراق الولايات المتحدة في مستنقع البحر الأحمر فحسب، بل كما أنها دفعت المجموعة إلى تعزيز العلاقات مع روسيا والصين في محاولة لتحقيق هزيمة استراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة. وقال عضو المكتب السياسي لأنصار الله، علي القاحوم، لـ MintPress:
وهناك بالفعل تطور في العلاقات بين اليمن وروسيا والصين ودول البريكس، وتبادل التجارب والخبرات في مختلف المجالات. وهذا يخدم مصلحة مشتركة بهدف السماح لأمريكا وبريطانيا والغرب بالغرق في مستنقع البحر الأحمر بحيث تغرق قطبيتهم الأحادية وتتلاشى وتضعف.
قام القهوم بإضافة،
وهذا ليس تحليلي فحسب، بل حقيقة واضحة للعيان. فاليمن دولة نجحت بالفعل في دعم فلسطين، واستطاعت تحقيق الاستقرار في البحر الأحمر بكفاءة كبيرة، وهو ما يمثل نصراً استراتيجياً كبيراً في المجالات العسكرية والأمنية والسياسية.
وأضاف "لقد تمكنت اليمن بفضل الله وقائدنا الشجاع من تحقيق ذلك بقوة وفخر لا مثيل لهما، لدرجة أن الدول الكبرى بدأت بالتنسيق وبناء العلاقات معنا على قدم المساواة، مما يمهد الطريق للمستقبل المنظور". المستقبل ووضع الأساس للهزيمة التاريخية للولايات المتحدة وبريطانيا والغرب، وبالتالي انهيار المشروع الاستعماري والهيمنة الغربية على المنطقة والعالم.
ومع قيام الغرب وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا بمهاجمة اليمن واستمرارهم في نسج المؤامرات الاستعمارية والاستعداد لتوسيع عدوانهم المستمر على اليمن، وفشلهم في توفير الحماية لإسرائيل في البحر الأحمر، فإن هناك عمل وتحرك مكثف من قبل اليمن لدعم دعم فلسطين ومواصلة العمليات العسكرية الاستراتيجية المفيدة والفعالة”.
التنسيق الاستراتيجي: المقاومة الفلسطينية
وتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع روسيا والصين ودول البريكس ليس استثناءً. كما تعمل جماعة أنصار الله على تعزيز علاقاتها مع مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية، وتحديداً كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس. وقال نصر الدين عامر، القيادي في أنصار الله ونائب رئيس الهيئة الإعلامية لأنصار الله، لـ MintPress، إن أنصار الله منحت السيطرة على السفينة الإسرائيلية "جالاكسي" المحتجزة قبالة سواحل اليمن بالإضافة إلى سفنها. طاقم كتائب عز الدين القسام. وأكد عامر تعاون أنصار الله وتنسيقها مع حركات المقاومة الفلسطينية، أبرزها حركة حماس، والجهاد الإسلامي الفلسطيني، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. صورة مميزة | مجندو أنصار الله يسيرون خلال مسيرة لدعم الفلسطينيين في قطاع غزة وضد الضربات الأمريكية على اليمن خارج صنعاء، 22 يناير 2024. صور | أ ب أحمد عبد الكريم صحفي يمني مقيم في صنعاء. وهو يغطي الحرب في اليمن لصالح MintPress News بالإضافة إلى وسائل الإعلام اليمنية المحلية.